
أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين
بالخارج، ناصر بوريطة، أن الرؤية الملكية السامية تجعل البحر رافعة استراتيجية
للازدهار الوطني والربط القاري وتعزيز السيادة، مشددا على أن المغرب ينظر إلى
البحر ليس فقط كحدود طبيعية بل كجسر للتواصل الاقتصادي والإنساني، وخاصة مع
إفريقيا. هذه الرؤية المتقدمة تتجلى بوضوح في السياسات الوطنية والدبلوماسية التي
أطلقها جلالة الملك محمد السادس خلال السنوات الأخيرة.
فعلى المستوى الداخلي، يبرز الاقتصاد الأزرق كأحد أعمدة هذه
الرؤية، من خلال تطوير موانئ استراتيجية مثل ميناء طنجة المتوسط الذي أصبح من أبرز
المراكز الملاحية في المتوسط وإفريقيا، وميناء الداخلة الأطلسي الذي سيشكل منصة
جديدة نحو القارة الإفريقية. إلى جانب ذلك، يجري العمل على إعادة بناء أسطول وطني
قوي من السفن التجارية، قصد ضمان ربط بحري سلس وفعال مع إفريقيا والعالم، بما يعزز
مكانة المغرب كقوة بحرية صاعدة.
أما على الصعيد الدولي، فإن البحر يوجد في قلب المبادرات الكبرى
للمغرب، ومنها "مسلسل الرباط" الذي يجمع 23 دولة إفريقية أطلسية حول
رؤية مشتركة ترتكز على الأمن البحري وحماية البيئة والتنمية المستدامة. كما أطلق
المغرب مبادرة رائدة لتمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي عبر البنيات
التحتية المغربية، وهو ما يمثل تجسيدا للتضامن الجيوسياسي وتخفيفا من عزلة هذه
الدول.
ومن المشاريع الاستراتيجية البارزة أيضا خط أنبوب الغاز
الإفريقي الأطلسي، الذي بادر إليه جلالة الملك إلى جانب الرئيس النيجيري سنة 2016،
حيث يجسد هذا المشروع العملاق رؤية متجددة للتكامل الإقليمي عبر ربط 13 بلدا
إفريقيا، بما يفتح المجال أمام تطوير البنيات التحتية وتحفيز التنمية الصناعية
وضمان الاستقرار عبر المصالح المشتركة.
وتؤكد هذه المبادرات الثلاث – الاقتصاد الأزرق، مبادرة الساحل،
وخط الغاز – قوة الرؤية الملكية التي تجعل من إفريقيا فضاءً واعدا تتحقق فيه فرص
التنمية عندما تقترن الإرادة السياسية بالاستراتيجيات المبتكرة. وهو ما حمله
المغرب أيضا إلى المنتديات الدولية، حيث ترأس جلالة الملك قمة إفريقية من أجل
المحيط إلى جانب الرئيس الفرنسي، مبرزا أن مستقبل إفريقيا بحري بقدر ما هو بري.
كما أبرز بوريطة أن المغرب يتعامل مع اتفاقية "مونتيغو
باي" لقانون البحار بمنظور ديناميكي يجعل منها أداة للتطور والشراكة لا مجرد
نص قانوني جامد، مؤكدا على ضرورة تحديثها لتواكب التقدم التكنولوجي ومتطلبات
البيئة والتنوع البيولوجي. ودعا في هذا الإطار إلى إصلاح حكامة المحيطات والحرص
على إنفاذ اتفاقية التنوع البيولوجي البحري، لما تمثله من أولوية استراتيجية
وأخلاقية بالنسبة للمجتمعات الساحلية الإفريقية.
وبمشاركة خبراء عالميين في
القانون الدولي، شددت الندوة على أن الرؤية المغربية بقيادة جلالة الملك ترسخ موقع
المملكة كفاعل بحري أساسي، قادر على استغلال إمكانات البحر بما يخدم التنمية
المستدامة، ويعزز التكامل القاري، ويرسخ السيادة الوطنية في أفق مستقبل يضع
المحيطات في قلب معادلة الازدهار العالمي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك