المغرب في قلب المتوسط العالمي للتنافسية المستدامة وأداء دون الطموح وإمكانيات مؤجلة

المغرب في قلب المتوسط العالمي للتنافسية المستدامة وأداء دون الطموح وإمكانيات مؤجلة
بانوراما / الخميس 18 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:عبد الله البارودي

حلّ المغرب في المرتبة الرابعة والثمانين عالمياً ضمن مؤشر التنافسية المستدامة لسنة 2025، محققاً 46.82 نقطة من أصل 100، وفق التقرير السنوي الصادر عن مؤسسة بحثية دولية مستقلة، وهو ترتيب يضع المملكة قريباً جداً من المعدل العالمي، دون أن يرقى إلى مصاف الدول ذات الأداء المرتفع، ودون أن ينزلق في المقابل إلى خانة الدول المتذيلة للتصنيف.

هذا الموقع المتوسط يعكس، بحسب التقرير، نموذجاً تنموياً لم يستنفد بعد إمكاناته، لكنه في الوقت نفسه لم ينجح في تحقيق اختراق نوعي على مستوى الاستدامة الشاملة.

ويُظهر التقرير، الذي شمل 192 دولة، أن المتوسط العالمي لمؤشر التنافسية المستدامة لا يتجاوز 46.8 نقطة، ما يعني أن المغرب يكاد يطابق هذا المعدل، في سياق دولي يتسم بتراجع عام في القدرة على التوفيق بين النمو الاقتصادي وحماية الموارد الطبيعية وضمان التماسك الاجتماعي.

ويعتمد هذا المؤشر على مئات المعطيات الكمية المستقاة من مؤسسات دولية، لقياس قدرة الدول على تحقيق الازدهار دون تقويض أسسه البيئية والاجتماعية والمؤسساتية.

وسجّل المغرب أداءً لافتاً نسبياً على مستوى رأس المال الفكري، حيث حلّ في مرتبة متقدمة قارياً، مستفيداً من عناصر مرتبطة بالتعليم وريادة الأعمال والابتكار، غير أن التقرير يؤكد في المقابل أن الفجوة لا تزال واسعة بينه وبين الدول الرائدة عالمياً في البحث العلمي والتكنولوجيا.

كما يضع التقرير المملكة ضمن الدول التي تواجه تحديات بنيوية في رأس المال الطبيعي، بفعل ندرة المياه والضغط المناخي، وهي عوامل باتت تشكل قيداً مركزياً على أي مسار تنموي مستدام.

وفي ما يتعلق بكفاءة استخدام الموارد، يظهر المغرب في موقع وسطي، لا ضمن الدول الأكثر هدراً ولا ضمن النماذج المتقدمة في الانتقال نحو الاقتصاد الدائري والنجاعة الطاقية، بينما يكشف محور رأس المال الاجتماعي عن أداء متوسط يعكس هشاشة التوازنات المرتبطة بالصحة والمساواة والتماسك الاجتماعي.

أما على مستوى الاستدامة الاقتصادية والحكامة، فيبقى الأداء محدوداً، في ظل فجوة واضحة تفصل دول الجنوب، ومنها المغرب، عن الدول الأوروبية الشمالية التي تهيمن على المراتب الأولى عالمياً.

ويضع التقرير المغرب ضمن القارة الإفريقية التي تُصنَّف كأضعف الأقاليم عالمياً من حيث التنافسية المستدامة، إلى جانب الشرق الأوسط، مرجعاً ذلك إلى تداخل عوامل الضغط الديمغرافي، وضعف الحكامة، وتراجع رأس المال الطبيعي، ومحدودية الاستثمار في المعرفة.

ومع ذلك، يؤكد معدّو التقرير أن الفجوة بين المغرب والدول المتصدرة ليست قدراً محتوماً، بل تعكس إمكانات غير مستغلة يمكن تفعيلها خلال أفق زمني متوسط، إذا ما جرى الاستثمار المتوازن في التعليم، والبيئة، والموارد، والعدالة الاجتماعية.

وخلص التقرير إلى أن أزمة الاستدامة باتت عالمية، إذ إن الغالبية الساحقة من دول العالم لا تزال دون المستوى المطلوب، ما يبرز أن التحدي الحقيقي لا يكمن في حجم الاقتصاد، بل في جودة السياسات العمومية وقدرتها على تحقيق توازن فعلي بين النمو والإنصاف وحماية البيئة، وهي معادلة لم ينجح المغرب، إلى حدود 2025، في حسمها بعد.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك