
أنتلجنسيا المغرب: وصال . ل
تحولت مدينة مراكش إلى قبلة للذواقة
وعشاق فن الطبخ العالمي، حيث احتضنت أمسية استثنائية نظمتها قائمة "لا
ليست" الدولية لتكريم أفضل المطاعم والوجوه المبدعة في عالم الطهي. الحدث جاء
على هامش النسخة الحادية عشرة من المعرض الدولي "كريماي"، ليجعل من ساحة
الحمراء منصة عالمية للاحتفاء بغنى المطبخ المغربي وتنوع المائدة الإفريقية.
الأمسية شهدت حضور شخصيات وازنة، من
بينها فيليب فور الرئيس المؤسس لتصنيف "لا ليست"، وكمال رحال السولامي
رئيس المعرض، إضافة إلى نخبة من الطهاة والمهنيين والفاعلين السياحيين. اللقاء لم
يكن مجرد احتفال، بل كان بمثابة إعلان عالمي جديد عن موقع المغرب كوجهة للطبخ
الراقي والتذوق المبدع.
المطاعم المغربية حجزت مكانتها بين
أفضل ألف مطعم في العالم، حيث تم تكريم مؤسسات مرموقة مثل "غراند تابل
ماروكان" بفنادق رويال منصور، و"لو ماروكان" بالمامونية،
و"إيلولي" بالدار البيضاء، إلى جانب أسماء أخرى بصمت على حضور قوي في
مجال الإبداع الغذائي. هذه الأسماء لم تمثل فقط فنون الطهي، بل جسدت الهوية
المغربية بثرائها وتنوعها.
البعد الإفريقي كان حاضرا بقوة في
الأمسية، إذ تم تكريم مطاعم من مصر وغانا ونيجيريا ورواندا وجنوب إفريقيا. هذه
المشاركة أبرزت أن القارة السمراء تزخر بمواهب طهي صاعدة تسعى إلى تثمين تراثها
الغذائي والانفتاح على العالمية، مستفيدة من إشعاع المغرب الذي أصبح رائدا في هذا
المجال.
الجوائز الخاصة التي وزعتها "لا
ليست" أضفت على الحدث بعدا إنسانيا وإبداعيا، حيث تم تكريم الشيف فيصل
البطيوي بجائزة "افتتاح السنة"، وكريم بن بابا الذي جسد صورة الشيف
المغربي في أعلى مستوياته. أما جائزة "صانع التغيير" فقد ذهبت إلى إيلي
ميشيل ريمي ومريم الشرقاوي، اعترافا بقدرتهم على المزج بين الأصالة والتجديد.
ولم يغفل الحدث الدور الاجتماعي
للمطبخ، حيث حصدت جمعية "أمل" بمراكش جائزة "روح المجتمع" عن
جهودها في تكوين النساء وإدماجهن في سوق العمل عبر المطعمة. كما توج مطعم "Huqqa Garden Marrakech" ومطعم
"Nobu" بجائزة
"المرح على المائدة"، لما قدماه من تجربة طهي متفردة تمزج بين جودة
الأطباق وروح الاحتفال.
أما جائزة "الجوهرة
المكتشفة" فذهبت لعدد من المطاعم الصاعدة داخل المغرب وخارجه، من بينها "Tfaya" بمراكش و"قصبة تامدوت" بالحوز، إلى جانب مطاعم
إفريقية بارزة. هذه الجائزة سلطت الضوء على الطاقات الصاعدة التي تثري الساحة
العالمية بأساليب مبتكرة ونكهات جديدة.
اللحظة المؤثرة في الأمسية تمثلت في
تكريم كمال رحال السولامي بجائزة "المؤسس"، اعترافا بمساره الطويل في
خدمة المطبخ المغربي وإبراز مكانته على الصعيد الدولي. فالرجل لم يكن مجرد منظم،
بل فاعلا أساسيا في جعل فنون الطهي المغربية جزءا من العلامة السياحية للمملكة.
فيليب فور شدد في كلمته على أن
"لا ليست" لا تكتفي بترتيب المطاعم، بل تروم خلق منصة للتبادل بين
الثقافات الطهوية، مؤكدا أن المطبخ المغربي يبهر العالم ويشكل مرجعا تستلهم منه
المطابخ الإفريقية. وأشار إلى أن المنهجية التي تعتمدها القائمة تمنحها مصداقية
باعتبارها الأكثر شمولية في العالم.
وفي ختام الأمسية، بدا واضحا أن مراكش
لم تكن مجرد مسرح للاحتفال، بل عاصمة للذوق الرفيع وملتقى للقارات عبر بوابة
المطبخ. لقد أثبتت هذه المدينة مرة أخرى أنها فضاء عالمي قادر على الجمع بين
الأصالة المغربية والانفتاح على الإبداع الكوني، في حدث أكد أن الطبخ ليس مجرد أطباق،
بل فن ورسالة وجسر حضاري يربط بين الشعوب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك