أنتلجنسيا المغرب
في خطوة تعزز من القدرات البحرية المغربية وترسّخ التعاون الاستراتيجي مع إسبانيا، تسلّمت البحرية الملكية المغربية، يوم الثلاثاء 27 ماي 2025، زورق دورية من طراز "أفانتي 1800" (Avante 1800) في حفل رسمي بمدينة سان فرناندو بمنطقة الأندلس، جنوب إسبانيا.
هذا الحدث البحري الكبير جاء تتويجًا لشراكة تقنية وصناعية طويلة الأمد بين البلدين، تُمثّل فيها شركة "نافانتيا" الإسبانية أحد أبرز الفاعلين.
زورق بقدرات استراتيجية…87 مترًا من القوة والتكنولوجيا
الزورق الجديد، المسجل تحت الرقم 565، يتميّز بمواصفات تقنية عالية، إذ يبلغ طوله 87 مترًا وعرضه 13 مترًا، مع قدرة استيعابية تصل إلى 60 بحّارًا. وقد تطلّب بناؤه أكثر من مليون ساعة عمل موزعة على مدى ثلاث سنوات، وأسفر عن خلق حوالي 1100 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في ورش بناء السفن.
وتشمل صفقة التسليم حزمة متكاملة من الخدمات المرافقة، تضم قطع غيار، أدوات تقنية متخصصة، وثائق تشغيل مفصلة، بالإضافة إلى دورة تدريبية لطاقم البحرية المغربية تُجرى في إسبانيا، ما يعكس طابع التعاون العميق والاحترافي بين المؤسستين البحريتين.
حضور رسمي وشخصيات بارزة
حضر حفل التسليم عدد من الشخصيات البارزة من الجانب الإسباني، من بينها:
باتريثيا كابادا، عمدة مدينة سان فرناندو
أورورا سالفادور، عمدة بويرتو ريال
بلانكا فلوريس، نائبة حاكم قادش
روبين رودريغيز بينيا، نائب أميرال ورئيس أرسنال قادش
أما الجانب المغربي، فمثّله العقيد البحري محمد الفاضلي، الذي ألقى كلمة مؤثرة أكّد فيها البُعد الاستراتيجي لهذا الحدث.
كلمات رسمية: شراكة مبنية على "الاحترام والتطلّب"
خلال الكلمات الرسمية، استحضر ألبيرتو سيرفانتيس، مدير برنامج سفن العمل البحري في "نافانتيا"، ذكرى الراحل خوسيه أنطونيو رودريغيز بوتش، المسؤول السابق عن البرنامج المغربي، مشيدًا بالإرث التقني والإنساني الذي تركه. وأضاف:
"يجسّد هذا الزورق ثمرة الكفاءة التي راكمتها فرقنا، وعنوانًا لعلاقة مبنية على الاحترام المتبادل والتطلّب المشترك."
من جانبه، شدد العقيد البحري محمد الفاضلي على أن:"الزورق الجديد يُجسّد الروابط العميقة من الصداقة والتعاون بين مملكتي المغرب وإسبانيا، ويترجم رؤية الملك محمد السادس لبناء بحرية قوية ومرنة وقادرة على مجابهة التحديات الأمنية الحديثة."
"نافانتيا": شراكة تتطلّع إلى المستقبل
ريكاردو دومينغيز، رئيس شركة "نافانتيا"، اختتم الكلمات الرسمية بإشادة بجهود كل من شارك في هذا المشروع، واصفًا الإنجاز بأنه:
"دليل ناطق على تفاهم مثابر وحازم بين دولتين تطلّان على نفس المصير البحري."
وفي لحظة رمزية اختتمت الحفل، تم إنزال الزورق رسميًا إلى المياه من المنحدر رقم 3 تحت أنظار كل من سيرفانتيس والفاضلي، في مشهد جسّد لحظة تاريخية في مسار التعاون المغربي الإسباني في المجال البحري.
أبعاد استراتيجية تتجاوز الحضور العسكري
يمثل هذا التسليم أكثر من مجرد صفقة تسليحية؛ إنه مؤشر على تطور العلاقات الثنائية نحو شراكة استراتيجية شاملة. الزورق "أفانتي 1800" ليس فقط إضافة قوية إلى الأسطول البحري المغربي، بل هو أيضًا رسالة واضحة على استعداد المملكة للعب دور إقليمي فاعل في الأمن البحري، ومراقبة الحدود البحرية، ومحاربة التهريب والهجرة غير النظامية، وكذا تأمين طرق التجارة البحرية الحيوية.
بذلك، يواصل المغرب تعزيز مكانته كقوة بحرية ناشئة في المنطقة، ضمن مقاربة تعتمد على الحداثة العسكرية والتعاون الدولي متعدد الأبعاد.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك