أنتلجنسيا المغرب: أبو دعاء
منذ الساعات الأولى من صباح كل يوم، يتحول سوق التمور بالجملة في أرفود إلى خلية نحل نابضة بالحياة. فمع حلول الثامنة صباحا، تكون القاعة قد امتلأت عن آخرها بأصناف متنوعة من التمور التي تبهج الأنظار بروعتها وتنوعها.
من “المجهول” الشهير إلى “الفقوس” و“بوسكري” و“بوستحمي”، وصولا
إلى “بوسليخن”، تمتد على الطاولات كميات وفيرة من الذهب البني الذي يجذب التجار
والمستهلكين على حد سواء.
وأكد بوركة عبد الرحمان، رئيس الجمعية
الفلالية لبائعي التمور بأرفود، أن السوق يعرف هذا العام وفرة استثنائية في
الإنتاج، بفضل الأمطار الغزيرة التي ميزت الموسم والظروف المناخية الملائمة لنمو
النخيل. وأوضح أن منطقة تافيلالت تشتهر بتمورها ذات الجودة العالية، وتضم أزيد من
ثمانين نوعا، مما يجعلها من أغنى الواحات المغربية وأكثرها تنوعا.
ويبدأ النشاط في السوق مع الفجر، حيث
تصل الشاحنات المحملة بعشرات الأطنان من التمور القادمة من واحات أوفوس والجرف
والمعاضيد والريصاني وتنجداد وكلميمة. ومع تصاعد وتيرة المفاوضات والمبيعات، تمتلئ
أجواء السوق بأصوات التجار وهم يعرضون سلعهم في مشهد نابض بالحيوية يعكس روح
التجارة التقليدية الأصيلة التي لا تزال حاضرة بقوة في أرفود.
ويستقطب هذا السوق زبناء من مختلف
مناطق المغرب، من بينهم محمد القادم من الناظور، الذي اعتاد اقتناء كميات كبيرة كل
موسم. يقول إن الأسعار تناسب مختلف الميزانيات، إذ يتراوح سعر تمر “المجهول” بين
ثلاثين وثمانين درهما للكيلوغرام حسب الجودة وحجم الثمرة، مما يجعل سوق أرفود وجهة
مثالية لتجار الجملة ومحبي التمور الفاخرة.
وتعتبر جهة درعة-تافيلالت القلب
النابض لإنتاج التمور في المغرب، إذ تسهم بحوالي تسعين في المائة من الإنتاج
الوطني بفضل مناخها الجاف وتربتها الخصبة. وقد بلغ إنتاج سنة 2024 نحو 103 آلاف
طن، في حين يدرّ القطاع رقم معاملات سنوي يقارب ملياري درهم ويوفر ملايين أيام
العمل. وتسعى استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” إلى مضاعفة هذا الإنتاج عبر غرس
خمسة ملايين نخلة جديدة في أفق 2030، بما يجعل الذهب البني المغربي أحد أعمدة
الأمن الغذائي والاقتصادي للبلاد.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك