كل ما يجب أن تعرفه عن رادارات ذكية تراقب من الاتجاهين

كل ما يجب أن تعرفه عن رادارات ذكية تراقب من الاتجاهين
تقارير / الأربعاء 11 يونيو 2025 - 19:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:الربان

في خطوة جديدة تعكس توجه المغرب نحو تعزيز السلامة الطرقية وتحديث وسائل مراقبة حركة السير، أعلنت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا)، بتنسيق مع المديرية العامة للأمن الوطني والدرك الملكي، عن بداية العمل بالرادارات الآلية الذكية في الاتجاهين، وذلك ابتداءً من يوم الإثنين 16 يونيو 2025، في مختلف جهات المملكة.

هذه الخطوة، التي طال انتظارها من طرف المتابعين والفاعلين في مجال السلامة الطرقية، تُمثل تحولا نوعيا في طرق ضبط المخالفات، من خلال توسيع فعالية أجهزة المراقبة لتشمل كافة المسارات وليس فقط الاتجاه القادم نحو الرادار، كما كان معمولاً به سابقاً.

كيف ستشتغل الرادارات في الاتجاهين؟

الرادارات الجديدة التي سيتم تشغيلها تتوفر على تكنولوجيا متقدمة قادرة على التقاط السرعة بدقة عالية في الاتجاهين المعاكسين. بمعنى أن السائقين لم يعودوا في مأمن بمجرد تجاوزهم لموقع الرادار، بل سيصبحون مرصودين من الأمام ومن الخلف، وهو ما سيضع حداً نهائياً لظاهرة التهور بعد تجاوز الرادار.

وحسب المعطيات التقنية التي كشفت عنها "نارسا"، فإن هذه الأجهزة تعتمد على نظام تصوير حراري وراداري متطور يمكنه حساب السرعة، وتحديد نوع المركبة، والتقاط صور واضحة للوحات الترقيم حتى في الليل أو خلال ظروف جوية صعبة. كما أن هذه الأجهزة مرتبطة مباشرة بقاعدة بيانات مركزية، تتيح إرسال المخالفة تلقائياً إلى النظام المعلوماتي، ثم إلى السائق المعني.

تغطية وطنية في أكثر من 150 نقطة مراقبة

الموجة الأولى من هذا المشروع ستهم حوالي 150 نقطة مراقبة عبر التراب الوطني، تشمل الطرق السيارة، والطرق الوطنية، وبعض المحاور الحضرية الكبرى. وتركّز الجهات الأمنية بشكل خاص على النقط السوداء التي تسجّل معدلات مرتفعة من حوادث السير والسرعة المفرطة، من قبيل الطرق الرابطة بين الرباط والدار البيضاء، والدار البيضاء-مراكش، والرباط-فاس، بالإضافة إلى محاور حضرية مثل الدار البيضاء، طنجة، مراكش، وأكادير.

كما سيتم تثبيت لوحات تشوير واضحة لإشعار السائقين بوجود مراقبة في الاتجاهين، تفادياً لأي لبس قانوني، وفي احترام لمبدأ الشفافية والحق في الإعلام.

لماذا هذا التغيير الآن؟

تشير الأرقام الرسمية إلى أن السرعة المفرطة لا تزال ضمن الأسباب الرئيسية لحوادث السير المميتة في المغرب. فحسب آخر تقرير سنوي صادر عن الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، تم تسجيل أكثر من 110 ألف مخالفة تتعلق بالسرعة خلال سنة 2024، أزيد من 40% منها وقعت بعد تجاوز الرادار أو في الاتجاه غير الخاضع للمراقبة.

هذا الواقع دفع السلطات إلى تبني النموذج الجديد للرصد في الاتجاهين، لما له من فعالية في ردع السائقين المتهورين، وتعزيز مبدأ الردع الذكي بدل العقاب التقليدي. وهو ما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية التي تروم تقليص عدد القتلى في حوادث السير بـ 50% في أفق 2030.

موقف السائقين والمهنيين

ردود فعل السائقين والمهنيين حول القرار جاءت متباينة. ففي الوقت الذي عبّر فيه البعض عن تخوفه من الطابع المفاجئ للقرار، والصرامة المحتملة في تطبيقه، رحّب آخرون بالفكرة، معتبرين أن الرقابة في الاتجاهين ستحد من مظاهر التهور المنتشرة في عدد من المحاور، خصوصاً في الفترات الليلية أو أيام نهاية الأسبوع.

أما بعض مهنيي النقل الطرقي، فطالبوا بـ"مرحلة انتقالية" قبل الشروع في التطبيق، مع تكثيف الحملات التحسيسية وتعريف السائقين بالخصائص التقنية للرادارات الجديدة، لتفادي الوقوع في المخالفات عن جهل أو ارتباك.

العقوبات لا تتغير.. لكن المراقبة تتوسع

أكد مصدر من وزارة النقل أن نظام العقوبات لن يتغير في ظل هذه الآلية الجديدة، حيث ستظل المخالفات المتعلقة بالسرعة تخضع لنفس الغرامات المنصوص عليها في مدونة السير:

غرامة 300 درهم بالنسبة لتجاوز السرعة المسموح بها بأقل من 20 كم/س.

غرامة 500 درهم عند تجاوز السرعة بـ20 إلى 30 كم/س.

غرامة 700 درهم عند تجاوز السرعة بأكثر من 30 كم/س، مع احتمال سحب النقاط من رخصة السياقة.

لكن ما يتغير فعلاً هو أن فرص الإفلات من المراقبة ستتقلص بشكل كبير، وهو ما يعني أن السلامة الطرقية ستتحسن، وأن السائق المغربي سيكون مجبراً على مراجعة سلوكه خلف المقود.

بين السلامة والعقوبة: أي توازن؟

من المؤكد أن الرقابة الذكية في الاتجاهين ستُحدث تحولاً في عادات القيادة بالمغرب. لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات عن التوازن بين الردع والمرونة، خصوصاً في حالات الخطأ غير المقصود أو التجاوز الاضطراري.

السلطات وعدت بأنها ستواصل تطوير منظومة المراقبة الرقمية بشكل متدرج، مع اعتماد الذكاء الاصطناعي لتحليل السياقات المختلفة، من قبيل حالة الطوارئ أو تجنب حادث، لتفادي إصدار مخالفات ظالمة.

ختاما يمكن الجوم، بأن قرار تفعيل الرادارات في الاتجاهين اعتباراً من 16 يونيو 2025 لا يهدف فقط إلى ضبط السرعة، بل يعكس تحولاً في فلسفة السلامة الطرقية بالمغرب: من المراقبة التقليدية إلى الرقابة الذكية، ومن العقوبة البعدية إلى الردع الفوري.

ومع هذا التحول، يجد السائق المغربي نفسه أمام معادلة جديدة: الطريق لم تعد "تسامح"، والتهور لم يعد يمر دون ثمن. فالسلامة مسؤولية جماعية، والتكنولوجيا الآن تراقب.. من كل الزوايا.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك