بعد نداءات المغاربة ومقال للجريدة..السلطات تتحرك لحماية القطيع وتغلق مذابح عشوائية وتحجز خرفان العيد

بعد نداءات المغاربة ومقال للجريدة..السلطات تتحرك لحماية القطيع وتغلق مذابح عشوائية وتحجز خرفان العيد
تقارير / السبت 31 مايو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي

في تطور لافت يعكس تفاعلًا مباشرًا مع نداءات المواطنين وتوصيات الجريدة حول ضرورة التصدي للمذابح العشوائية وظاهرة اقتناء الأضاحي خارج المسارات القانونية، شرعت السلطات المحلية في عدد من المدن المغربية، على رأسها مدينة الجديدة، في تنفيذ حملة واسعة لحجز الخرفان الموجهة للذبح بمناسبة عيد الأضحى خارج المسالك النظامية، وذلك في إطار تنزيل التوجيهات الملكية الرامية إلى حماية القطيع الوطني وضمان سلامة المواطنين.

تحرك رسمي بعد مقال الجريدة ومطالب شعبية متصاعدة

جاء هذا التفاعل السريع بعد أن نشرت الجريدة تحقيقًا استقصائيًا مفصلًا، كشفت فيه عن مخاطر استمرار المذابح غير المرخصة وتأثيرها المباشر على جودة اللحوم، ناهيك عن تهديدها للصحة العامة في سياق أزمة بيطرية محتملة. كما طالب مواطنون في تعليقات موسعة على شبكات التواصل الاجتماعي بإغلاق هذه المرافق غير القانونية وفرض غرامات على كل من يخالف التعليمات الملكية، معتبرين أن "مستقبل الأمن الغذائي للبلاد يجب أن يعلو على كل اعتبار".

مدينة الجديدة في الواجهة: قرارات حازمة وتطبيق صارم

في مدينة الجديدة، باشرت السلطات المحلية، بتنسيق مع عناصر الدرك الملكي والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، عمليات مراقبة وحجز استباقية للخرفان التي يتم اقتناؤها خارج نقط البيع المعتمدة من طرف الدولة.

وأسفرت هذه التدخلات، التي تمت خلال الأيام الأخيرة، عن ضبط العشرات من رؤوس الأغنام التي لم تكن تحمل علامات الترقيم المعتمدة (الحلقة الصفراء)، وهو ما اعتبرته المصالح البيطرية تهديدًا محتملاً للسلامة الصحية وتلاعبًا بالسوق.

وبحسب مصادر من عين المكان، فإن عمليات الحجز شملت أيضًا مركبات كانت تنقل الأضاحي من ضيعات مشبوهة في الضواحي، دون التوفر على وثائق تثبت خضوعها للمراقبة الصحية أو تلقيحها ضد الأمراض الحيوانية.

امتداد الحملة إلى مدن أخرى: نحو منظومة وطنية للرقابة

ولم تقتصر الحملة على مدينة الجديدة، إذ امتدت إلى عدد من المدن الكبرى والمتوسطة مثل سطات، آسفي، القنيطرة، خريبكة، فاس، ومراكش. وشهدت هذه المدن بدورها عمليات مراقبة وتدخلات ميدانية قادتها لجان مختلطة تضم السلطات المحلية، مصالح "أونسا"، وأعوان المراقبة الجماعية.

وأكدت مصادر من وزارة الداخلية أن الحملة ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة، خصوصًا مع اقتراب عيد الأضحى، مشددة على أن "كل من يقتني أو يبيع خرفان العيد خارج الإطار القانوني سيتعرض للعقوبات الجاري بها العمل، بما في ذلك الغرامات والمصادرة".

في خلفية القرار:خطاب ملكي واضح ومسؤولية جماعية

ويأتي هذا التحرك في سياق الاستجابة للتوجيهات الملكية التي وردت في خطابات العاهل المغربي، الملك محمد السادس، والتي شدد فيها على ضرورة حماية الأمن الغذائي للمغاربة، وضمان استدامة الثروة الحيوانية في ظل التحديات المناخية والوبائية الراهنة.

كما نبه الخطاب الملكي إلى ضرورة تشجيع الفلاحين الصغار والضيعات المراقبة، وتوفير بيئة قانونية سليمة تضمن شفافية السوق وسلامة المنتوج الوطني، داعيًا إلى محاربة كل أشكال الغش والتلاعب بمصير المواطن.

المجتمع المدني يرحب والمواطنون يطالبون بمزيد من الصرامة

في أولى ردود الفعل على هذه التحركات، رحبت جمعيات حماية المستهلك والخبراء في مجال التغذية البيطرية بالقرارات الجديدة، واعتبروها "خطوة شجاعة في الاتجاه الصحيح". وقال عبد الصادق لخضر، رئيس جمعية المستهلكين بمدينة آسفي، إن "المذابح العشوائية كانت تهدد حياة الناس وتعرضهم لأمراض خطيرة، ومن غير المقبول أن يستمر هذا الوضع في دولة تسير نحو النموذج التنموي الجديد".

كما دعا نشطاء آخرون إلى تسريع وتيرة إغلاق المذابح غير المرخصة ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى منصات لبيع الأضاحي المشبوهة دون رقيب ولا حسيب.

هل تنجح الخطة؟ تحديات في الأفق

رغم الحزم الذي أبدته السلطات، إلا أن العديد من التحديات تظل مطروحة، أبرزها القدرة على تعميم المراقبة في كافة الجماعات القروية والمناطق النائية، وضرورة مواكبة الحملة بحملات توعوية قوية لفائدة المواطنين.

كما يتطلب نجاح الخطة تعزيز الموارد البشرية واللوجستية لدى المصالح البيطرية، وتوفير دعم مالي للفلاحين الملتزمين، لتشجيعهم على بيع خرفان العيد في الإطار المنظم دون اللجوء إلى السوق السوداء.

 بين الوعي الشعبي والإرادة السياسية

ما شهدته الأيام الأخيرة من تحرك رسمي ضد المذابح العشوائية هو دليل على أن صوت المواطن يمكن أن يكون له أثر مباشر عندما يرتبط بالمصلحة العامة ويجد آذانًا صاغية. فبين إرادة ملكية صارمة، وسلطات محلية متجاوبة، ومواطنين أوفياء لصحة أبنائهم، يبرز أمل حقيقي في أن تكون مناسبة عيد الأضحى لهذه السنة أكثر سلامة، تنظيمًا، واحترامًا للقانون.

والسؤال الآن: هل تنجح هذه المقاربة في تغيير السلوك الجماعي؟ أم أن الأسواق الموازية ستجد طريقها مجددًا إلى الأحياء، كما في كل سنة؟الجواب سيكون في الأيام القليلة المقبلة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك