أنتلجسيا المغرب:أبو دعاء
في قلب الرباط، وبحضور كوكبة من النخب الفكرية والأدبية، تم
الكشف عن عمل فكري جديد يضيء دهاليز القانون الدستوري المغربي، كتاب "عناصر
من القانون الدستوري المغربي" للخبيرة "نادية البرنوصي"، ليس مجرد
مؤلف تقني، بل أطروحة نقدية جريئة تمتد على 496 صفحة، صدرت عن دار النشر "لا
كروازي دي شومان"، وتستفز القارئ لقراءة الدستور المغربي خارج القوالب
الجامدة.
"البرنوصي"، الخبيرة المخضرمة وعضو لجنة البندقية، لم
تتوان في هدم المعمار الكلاسيكي لكتب القانون، بل شيدت بنية معرفية جديدة تنطلق من
تفكيك السلطة إلى مساءلة الحقوق، ومرورا بمحاور شائكة كالمساواة بين الجنسين، وحق
الحياة، والهجرة، والهوية الأمازيغية، وهي قضايا لم تعد محض فصول قانونية، بل صارت
تعبيرا سياسيا واجتماعيا عن واقع يتغير ببطء.
هذا العمل، كما أشار الأستاذ الفرنسي برنار ماتيو، ليس مجرد
تحليل قانوني بل إنتاج فكري يمزج بين البيداغوجيا والصرامة البحثية، مقدما قراءة
تتجاوز النص القانوني إلى عمق السياق السياسي. وهو ما أكدت عليه البرنوصي نفسها،
معتبرة أن الدستور المغربي بعد 2011 لم يعد مجرد وثيقة مؤسساتية، بل خطوة غير
قابلة للتجاهل نحو هندسة جديدة للسلطة في المغرب.
وخلال حفل التقديم الذي
احتضنته جمعية رباط الفتح، لم يكن الكتاب وحده محط الاهتمام، بل شكل أيضا منصة
للنقاش العميق حول مستقبل الثقافة الدستورية في المغرب، وأفق تجديدها. في هذا
الفضاء الفكري، بدا واضحا أن البرنوصي لا تكتب لتشرح، بل لتزعزع الثابت وتوقظ
الأسئلة المنسية، في بلد مازال يبحث عن صيغ متوازنة بين النص والواقع، بين الطموح
الديمقراطي وحدود الممارسة السياسية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك