المعارضة تتهم والأغلبية تتصارع..معركة 2026 تشعل فتيل التصدعات السياسية في المغرب

المعارضة تتهم والأغلبية تتصارع..معركة 2026 تشعل فتيل التصدعات السياسية في المغرب
سياسة / الثلاثاء 27 مايو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي

قبل أشهر معدودة على موعد الانتخابات التشريعية الحاسمة لسنة 2026، دخلت الساحة السياسية المغربية مرحلة غليان غير مسبوقة، عنوانها الأبرز: التراشق بين الحلفاء، وتبادل الاتهامات بين الخصوم، في مشهد يعكس بداية "حرب تموقعات" ضارية للظفر بمقاعد البرلمان المقبل، وربما بمفاتيح السلطة في "حكومة المونديال" المنتظرة.

تحالف حكومي مأزوم من الداخل

رغم وحدة الإطار الرسمي لتحالف الأغلبية، الذي تقوده حكومة عزيز أخنوش، إلا أن الشقوق بدأت تتسع يوماً بعد يوم، كاشفة عن تصدعات عميقة في الجبهة الحكومية.

فحزب الاستقلال، أحد المكونات الأساسية لهذا التحالف، لم يعد يخفي تذمره من السياسات الحكومية، بل وصل الأمر إلى حد توجيه انتقادات علنية مباشرة، في بيانات وتصريحات نواب وقياديين، تُحمّل الحكومة مسؤولية "العجز عن الاستجابة لتطلعات المغاربة" في مجالات كالصحة والتعليم وغلاء المعيشة.

هذا التحول المثير، الذي يراه مراقبون تناقضاً واضحاً، يُوحي بأن حزب الاستقلال بدأ يمهّد للخروج من "عباءة الحكومة"، استعداداً لصياغة خطاب انتخابي مغاير يُمكّنه من الحفاظ على قواعده الانتخابية، وربما توسيعها، في مواجهة منافسين لا يرحمون.

معارضة مُفككة واتهامات بالخيانة

على الضفة المقابلة، تعيش المعارضة البرلمانية أزمة ثقة خانقة، كشفت عنها بقوة محاولة فاشلة لتقديم ملتمس رقابة ضد حكومة أخنوش. إذ لم تفلح مكونات المعارضة، رغم تصاعد خطابها النقدي للحكومة، في التوصل إلى توافق حول مضمون وهدف الملتمس، وسط اتهامات مباشرة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بـ"خذلان" شركائه و"بيع" موقفه السياسي مقابل ترتيبات انتخابية مسبقة تضمن له تموقعاً مريحاً في الانتخابات المقبلة وربما في حكومة 2026.

وتفجّرت الأزمة بعد انسحاب الاتحاد الاشتراكي من التنسيق حول ملتمس الرقابة، ما اعتبرته أحزاب مثل التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية "طعنة في الظهر"، زادت من توتر العلاقات داخل معسكر المعارضة، وقلّصت من فرص تقديم بديل سياسي مقنع وموحد في المرحلة المقبلة.

انتخابات 2026..رهان مصيري ومعركة وجود

وسط هذا المشهد المأزوم، تلوح في الأفق انتخابات 2026 كاستحقاق مصيري سيكون حاسماً في إعادة تشكيل الخارطة السياسية الوطنية، لا سيما وأنه يتزامن مع استعداد المغرب لتنظيم كأس العالم 2030، ما يضفي بعداً دولياً على طبيعة الحكومة المقبلة.

المراقبون يرون أن هذا "الاستحقاق الاستراتيجي" يحفّز الأحزاب على إعادة ترتيب أوراقها وتحسين شروط تفاوضها مع الدولة والمجتمع، سواء من موقع المعارضة أو المشاركة.

فكل حزب يدرك أن الحكومة القادمة لن تكون حكومة عادية، بل حكومة "المونديال"، وبالتالي فإن الموقع داخلها يعني تأثيراً مباشراً في ملفات كبرى تهم الاستثمار، والبنيات التحتية، والصورة الخارجية للمملكة.

الشارع يراقب والرهانات تتصاعد

وبين شدّ الأغلبية وجذب المعارضة، يقف المواطن المغربي متسائلاً: هل هي فعلاً معارك من أجل الإصلاح والمصلحة العامة؟ أم مجرد صراعات تموضع ومكاسب انتخابية؟

فقد سئم الشارع من الخطابات الفضفاضة، وبدأ يطالب بوجوه جديدة، وأجندات اجتماعية واضحة، بعيداً عن الحسابات الضيقة التي طبعت الحياة السياسية منذ سنوات.

فإذا كان السياسيون يستعدون لمعركة 2026 بنوايا انتخابية، فإن المواطنين سيذهبون إلى صناديق الاقتراع بنوايا معيشية واقتصادية، بعد أن أنهكتهم موجات الغلاء وغياب العدالة الاجتماعية.

 بداية نهاية أم ولادة جديدة؟

ما يجري في كواليس السياسة المغربية اليوم يُنذر بأن انتخابات 2026 ستكون مختلفة في كل شيء: في التحالفات، في الشعارات، وربما في النتائج.

لكن الأكيد أن المغاربة يترقبون وجهاً جديداً للسياسة، أكثر التزاماً وأقل تناقضاً. فهل تنجح الأحزاب في إنقاذ صورتها قبل أن تُطوى من الذاكرة الجماعية؟ أم أن "معركة المقاعد" ستُنهي ما تبقى من الثقة؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك