وزير الأوقاف يفجّرها تحت قبة البرلمان:الأئمة يلتزمون بالخطبة الموحدة إلا بعض الخوارج

وزير الأوقاف يفجّرها تحت قبة البرلمان:الأئمة يلتزمون بالخطبة الموحدة إلا بعض الخوارج
سياسة / الأربعاء 21 مايو 2025 - 17:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي

في تصريح أثار جدلاً واسعاً تحت قبة البرلمان، خرج أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، عن تحفظه المعتاد، موجهًا كلاماً شديد اللهجة إلى بعض الأئمة الذين "يخرجون عن الخط المرسوم من الوزارة"، حيث وصفهم بـ"الخوارج"، في إشارة مباشرة إلى تمردهم على نظام الخطبة الموحدة التي تُعممها وزارته على مساجد المملكة.

التصريح الذي اعتبره كثيرون "سابقة غير مسبوقة" في نبرة التوفيق، فتح النقاش من جديد حول حرية الأئمة في التعبير، ووظيفة المسجد في المجتمع، وعلاقة الدين بالدولة في المغرب، خصوصًا في ظل احتكار الوزارة لكل ما يتعلق بالتوجيه الديني والإرشاد داخل الفضاءات الدينية.

الخطبة الموحدة… خيار استراتيجي أم قيد على حرية المنبر؟

منذ سنوات، اختارت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية اعتماد نظام الخطبة الموحدة، التي تُوزع على الأئمة كل أسبوع وتُعتمد في جميع المساجد، بدعوى ضمان وحدة الخطاب الديني ومواجهة التطرف والغلو. غير أن هذه السياسة لقيت انتقادات واسعة، من داخل الأوساط الدينية نفسها، باعتبارها تقيد حرية الإمام وتفرغ المنبر من الروح الاجتهادية والمواكبة المجتمعية.

تصريحات الوزير التوفيق جاءت لتؤكد أن الوزارة ما زالت تعتبر الخطبة الموحدة "خطاً أحمر" لا يمكن تجاوزه، وأن من يخرج عنها يُعتبر في نظرها "خارجاً عن الجماعة"، بل وصفه الوزير صراحة بـ"خارجي".

هل يحق لوزارة الأوقاف التحكم الكامل في الخطاب الديني؟

ما قاله الوزير التوفيق يُعيد إلى الواجهة إشكالية استقلالية الحقل الديني، ومدى شرعية تدخل الدولة، من خلال وزارة الأوقاف، في أدق تفاصيل الخطاب الديني، من المضمون إلى التوقيت.

فهل المنبر الديني وظيفة تقنية تُدار مركزياً؟ أم فضاء حر للتعبير الديني المبني على اجتهاد العلماء في ضوء المستجدات المجتمعية؟

المنتقدون يرون أن سياسة التوحيد المُفرط في الخطاب جعلت عدداً كبيراً من الأئمة يشعرون بأنهم مجرد "مبلغين لنشرة رسمية" وليسوا حاملي رسالة دينية واجتماعية، وهو ما أدى إلى نفور فئات من المصلين، وفقدان المسجد لدوره التأطيري الحيوي.

من هم "الخوارج" في نظر الوزير؟

تصريح الوزير التوفيق لم يكن اعتباطياً. فقد بدا موجهاً لفئة محددة من الأئمة، الذين يُقال إنهم لا يلتزمون حرفياً بالنصوص الموزعة من قبل الوزارة، ويعمدون أحياناً إلى تعديل أو تخصيص الخطبة بحسب سياق مدنهم أو قراهم أو القضايا الراهنة التي تشغل الرأي العام.

لكن وصفهم بـ"الخوارج" أثار استياء عدد من المتابعين، بل وحتى من بعض علماء الدين، الذين اعتبروا أن هذا التصنيف فيه تحقير وإقصاء لمجرد اجتهاد في مضمون خطبة الجمعة، داعين إلى احترام التعدد والاجتهاد في الخطاب الديني مادام منضبطاً للثوابت الدينية والوطنية.

التوفيق في قفص المساءلة… هل هي بداية أزمة جديدة؟

رغم أن التوفيق نادراً ما يظهر في الإعلام أو يعلق على قضايا مثيرة، فإن ظهوره القوي وتصريحاته الحادة مؤخراً تطرح علامات استفهام:

هل الوزارة تواجه تمرداً حقيقياً من الأئمة؟

هل هناك صراعات داخلية بين المؤسسة الرسمية والأطر الدينية في الميدان؟

وهل تصريحات الوزير تعكس قلقاً رسمياً من فقدان السيطرة على الفضاء الديني، خصوصاً مع تزايد الاهتمام بقضايا الدين في السياق الانتخابي والاجتماعي؟

أسئلة تفتح الباب أمام نقاش عمومي طال انتظاره حول المكانة الحقيقية للمسجد في المغرب، وحرية الإمام، ووظيفة الخطبة في زمن الرقمنة والسوشال ميديا.

ما بين الطاعة والنقد: مستقبل منابر الجمعة

بين من يرى أن التوحيد ضرورة أمنية ومجتمعية، ومن يعتبره مصادرة لحق الإمام في الاجتهاد والمواكبة، يبدو أن ملف "الخطبة الموحدة" مرشح ليعود إلى الواجهة بقوة، خصوصاً مع تصريح الوزير التوفيق الذي لم يمر مرور الكرام.

فهل نحن أمام بداية تصدع في علاقة الأوقاف بالأئمة؟ وهل يمكن للوزارة أن تراجع سياساتها في هذا المجال؟

أم أن وصف "الخوارج" سيكون عنوان المرحلة القادمة في التعامل مع كل من يُغرد خارج سطور الخطبة الرسمية؟

المؤكد أن المساجد لن تبقى بمنأى عن الجدل، ما دامت الخطبة لم تعد فقط خطاباً دينياً، بل باتت أيضا مرآة للصراع حول السلطة والشرعية داخل الحقل الديني المغربي.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك