
أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
في ظل تصاعد المخاوف من ندرة المياه
وارتفاع درجات التوتر المائي، احتضنت مدينة وجدة اجتماعًا حاسمًا لمجلس الحوض
المائي لملوية، لمناقشة سبل تدبير الأزمة المائية التي تهدد الحوض، خصوصًا مع
تزايد تأثير التغيرات المناخية وارتفاع الضغط على الموارد الطبيعية. اللقاء كان
فرصة للفاعلين السياسيين والتقنيين لوضع اليد على مكمن الخلل، ومساءلة منظومة
التدبير التقليدي للماء.
الاجتماع، الذي ترأسه والي جهة الشرق،
خطيب الهبيل، عرف مشاركة مكثفة من مختلف الفاعلين المؤسساتيين، على رأسهم مديرة
وكالة الحوض المائي لملوية، نرجس العمرتي، ورئيس مجلس الحوض، محمد جلول، وتم خلاله
التأكيد على أن تجاوز الأزمة يمر حتماً عبر إعادة صياغة حكامة رشيدة تتجاوز منطق
الاستهلاك المفرط، نحو منطق الترشيد والمسؤولية الجماعية.
الوالي الهبيل ذكّر بالعناية الملكية
السامية بقضية الماء، مبرزًا أن توجيهات الملك محمد السادس، خاصة في خطاب العرش
الأخير، كانت واضحة في الدعوة إلى تفعيل شرطة الماء، وترشيد استعماله، والتنسيق
بين السياسة المائية والفلاحية. كما شدد على أن حوض ملوية أضحى نموذجًا صارخًا لما
يمكن أن تؤول إليه الموارد الطبيعية حين تُترك للفوضى والاستغلال العشوائي.
التشخيص الميداني الذي عرضه
المشاركون، كشف عن مجموعة من الإكراهات البنيوية، أبرزها ضعف مردودية الشبكات،
وغياب أنظمة مراقبة فعالة، إضافة إلى استمرار سلوكيات مجتمعية غير واعية بقيمة هذه
المادة الحيوية. وهو ما يستدعي، حسب المتدخلين، تفعيل آليات الرقابة، وتعزيز
التتبع والمواكبة التقنية، ووضع حد للاستنزاف المجاني للفرشات المائية.
من جانبه، دعا رئيس مجلس الحوض إلى
تعميم "عقود الفرشات المائية" كوسيلة لضبط استغلال المياه الجوفية،
معتبرا أن الماء ليس مجرد حاجة إنسانية، بل ركيزة استراتيجية في التنمية الوطنية،
مشيرًا إلى ضرورة التحرك الاستباقي لتأمين حاجيات الأجيال القادمة، والانخراط
الجماعي في حماية الثروة المائية.
مديرة الوكالة نرجس العمرتي كانت
صريحة في عرض الوضع، مؤكدة أن الظرفية الحالية تتطلب أكثر من مجرد تشخيص، بل تفرض
إرادة جماعية لإرساء تدبير عقلاني، قائم على التنسيق وتبادل المعطيات. ورغم التحسن
النسبي في التساقطات، فإن الحوض لا يزال يعاني من إجهاد هيكلي حاد نتيجة توالي
سنوات الجفاف والتغيرات المناخية المتسارعة.
ووسط هذا السياق القاتم، حملت العمرتي
بعض الأمل في عرضها حول تقدم الأشغال في المشاريع الكبرى، إذ أشارت إلى أن سد محمد
الخامس يشهد تقدمًا بنسبة 64 في المائة، فيما اقترب سد تاركا أومادي من الانتهاء
بنسبة 72 في المائة، وسد بني عزيمان بـ73 في المائة. هذه المشاريع، بعد إتمامها،
سترفع الطاقة التخزينية للحوض إلى أكثر من ملياري متر مكعب، وهو ما يعتبر مكسبًا
استراتيجيًا في معركة الماء.
وفي ختام الاجتماع، صادق الحضور
بالإجماع على مشروع النظام الداخلي للمجلس، بما يضمن تفعيل أدوار مختلف مكوناته،
ويفتح المجال لتبادل وجهات النظر، وتقديم الاقتراحات العملية، والعمل الجماعي
لمواجهة التحديات المتفاقمة التي يواجهها حوض ملوية، أحد أبرز شرايين الحياة في
جهة الشرق.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك