
أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
في خطوة مفاجئة وصادمة للأسواق
العالمية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة مائة
في المائة على جميع الواردات القادمة من الصين، ابتداءً من مطلع نوفمبر 2025، إلى
جانب فرض قيود صارمة على تصدير البرمجيات الحيوية الأميركية. هذا القرار الذي هزّ
أركان الاقتصاد العالمي لم يكن سوى إعلان صريح عن انتقال الحرب الباردة بين واشنطن
وبكين إلى مرحلة جديدة أكثر حدة، حيث تتجه الأمور نحو مواجهة اقتصادية شاملة
تتجاوز حدود التجارة لتطال التكنولوجيا والسيادة الرقمية وموازين القوة في النظام
الدولي.
هذا التصعيد الأميركي يأتي بعد شهور
من التوتر المتراكم بين القوتين العظميين، إذ تسعى واشنطن إلى كبح صعود الصين
الاقتصادي والتكنولوجي الذي يهدد مكانتها كقوة أولى في العالم. فالرئيس ترامب،
المعروف بنزعته الحمائية وشعاره "أميركا أولاً"، يريد من خلال هذه
الخطوة الضغط على بكين لتقديم تنازلات كبرى في مجالات التجارة، والملكية الفكرية،
ونقل التكنولوجيا، لكنه في الوقت ذاته يغامر بإشعال أزمة قد تُغرق الاقتصاد
العالمي في موجة تضخم غير مسبوقة وتعيد رسم خرائط الإنتاج والتبادل الدولي.
أما في الضفة الأخرى من المحيط
الهادئ، فيبدو أن التنين الصيني يلتزم الهدوء التقليدي الذي ميّز سياساته في
الأزمات الكبرى، متجنّبًا أي رد فعل متسرّع قد يخدم خصمه الأميركي. فالصين التي
راكمت خبرات اقتصادية واستراتيجية هائلة، تعرف أن الوقت حليفها وأن الأسواق تميل
نحوها كلما أظهرت رباطة جأش وانضباطًا في مواجهة العواصف. ومع ذلك، فإن صبر بكين
ليس بلا حدود، إذ تشير بعض المؤشرات إلى استعدادها لاتخاذ خطوات مضادة تشمل فرض
قيود على الشركات الأميركية العاملة في السوق الصينية، وربما إعادة النظر في
صادراتها من المعادن النادرة التي يعتمد عليها الاقتصاد الأميركي بشدة.
العالم يقف اليوم أمام مشهد اقتصادي
يشبه إلى حد بعيد مقدمات الحروب الكلاسيكية، ولكن بأسلحة جديدة: الرسوم الجمركية،
والعقوبات الرقمية، والتكنولوجيا الفائقة. ومع كل تصعيد جديد، تتعمق الهوة بين
واشنطن وبكين، ويتضح أن الصراع لم يعد مجرد منافسة على الأرباح، بل معركة وجودية
حول من يملك مفاتيح المستقبل. وفي انتظار رد الفعل الصيني، تبقى الأنظار مشدودة
نحو العاصمتين، حيث تُكتب فصول حرب اقتصادية قد تغيّر ملامح القرن الحادي والعشرين
برمّته.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك