حينما تُقصّر الزوجة في حقوق الجمال... يتسلل الخراب من نافذة الشارع

حينما تُقصّر الزوجة في حقوق الجمال... يتسلل الخراب من نافذة الشارع
المرأة / السبت 26 يوليو 2025 - 22:55 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد العرش المجيد

أنتلجنسيا المغرب: الرباط

في زمن تتسارع فيه المغريات وتتشابك فيه الأدوار، باتت العلاقة الزوجية تتعرض لهزات عنيفة، لا بسبب خيانة أو فقر أو مرض، بل لأسباب قد تبدو "تافهة" للبعض، لكنها عميقة في أثرها، أبرزها غياب الجاذبية والاهتمام المتبادل، خاصة من جانب الزوجة التي تغفل أحياناً عن أبسط حقوق الرجل: أن يرى في بيته ما يبعد عينه وقلبه عن فوضى الخارج.

الرجل، بطبيعته، كائن بصري وعاطفي، يتأثر بالشكل كما يتأثر بالمشاعر. عندما يشعر بأن زوجته لم تعد تهتم بلباسها، بعطرها، بابتسامتها، بحسن استقبالها له، يبدأ تدريجياً في المقارنة، دون قصد أحياناً، بين ما يراه في الشارع أو على الشاشات، وبين ما يجده داخل بيته. وهنا يبدأ الشرخ الأول.

كثير من الزوجات يتناسَين أن الزواج لا يعني فقط الطبخ والغسل وتربية الأبناء، بل يعني أيضاً دوام الجاذبية، استمرار لذة اللقاء، وتكرار لحظات الإعجاب التي كانت في فترة الخطوبة. فحينما يرى الرجل زوجته في أجمل حلة، يشعر أنه اختار صح، وأن أنوثتها له وحده، وهذا وحده كفيل بإطفاء حرائق الغواية.

في المقابل، لا يمكن تجاهل الواقع القاسي الذي أصبح فيه بعض الرجال يفرّون من زوجاتهم نحو فتيات الشوارع أو عالم العلاقات الافتراضية، بحثاً عن شيء بسيط: لمسة اهتمام، كلمة حلوة، أو نظرة تذيب الغضب. ليس تبريراً للخيانة، لكنه تفسير لِما يحدث عندما تُطفأ أنوثة البيت.

ما يجب أن تُدركه كل زوجة أن الرجل الذي يعمل ويتعب ويواجه المجتمع، لا ينتظر أن يعود ليجد زوجة ترتدي "جلابة قديمة" ووجهًا عابسًا، بل يريد أن يعود إلى امرأة تُنسيه التعب، تفتح له باب البيت وهي كأنها تفتح له أبواب الجنة، لا جهنم.

وليس في ذلك تقليل من قيمة المرأة أو اختزالها في الشكل، بل هو وعي بأن العلاقة الزوجية تحتاج إلى العناية المتبادلة، والتزيّن للزوج حق شرعي ومعنوي، تمامًا كما تطالب المرأة بأن يتزين لها زوجها، وأن يقول لها كلامًا جميلاً، وأن يحترم حضورها.

لقد صار لزامًا علينا أن نتحدث عن هذا الموضوع بصراحة، لأن الطلاق لا يحدث فجأة، بل يتسلل عبر خيوط رفيعة من الإهمال والتنافر، ثم يتحول إلى زلازل لا تُبقي ولا تذر. والنتيجة: أسر ممزقة، أطفال ضائعون، ومجتمعات تفقد توازنها.

كثير من الأزواج لا يريدون أكثر من لمسة أنثوية، كأن تضع زوجته عطرًا يحبه، أو تلبس له لباسًا يُحرك فيه الشغف، أو تقول له "وحشتني" قبل أن تطلب منه إصلاح الحنفية. فهل هذا كثير؟ وهل أصبحت الأنثى لا ترى في زوجها إلا مشروع طلبات؟

ومما يُحزن أكثر أن بعض الزوجات يتجملن للأعراس وللخارج وللصور على مواقع التواصل، لكنهن لا يفعلن شيئًا حين يتعلق الأمر بأزواجهن. والنتيجة أن هذا الزوج يصبح كالغريب في بيته، ويبدأ قلبه يبحث عن دفء في أماكن أخرى.

في المقابل، كم من بيت انقذته زوجة ذكية، لم تكن أجمل النساء، لكنها كانت تعرف متى تتجمل، ومتى تصمت، ومتى تهمس بكلمة تعيد للرجل ثقته بنفسه. الجمال ليس فقط في الملامح، بل في الحضور والذكاء والإحساس.

من حق الرجل أن يُحاط بالأنوثة كما من حق المرأة أن تُحاط بالرجولة. وإذا أردنا لعلاقاتنا أن تصمد، فعلينا أن نُعيد الاعتبار لمفهوم الرغبة داخل الزواج، لا أن نتركها تتيه في دروب الفتور، حتى تتحول الحياة إلى ملل مرير.

ليست المظاهر ترفًا، بل وسيلة من وسائل التعبير عن الحب. فكما أن المرأة تحب أن يُهديها زوجها الورود ويقول لها كلامًا معسولًا، فكذلك هو يحتاج لأن يرى فيها امرأة لا تملّ من إدهاشه كل مرة بجمالها.

إن الأزواج الذين ينجحون، ليسوا بالضرورة الأغنياء، بل من فهموا أن الحياة ليست فقط خبزًا وماء، بل أيضًا عطرًا وشغفًا. وأول طريق الشغف يبدأ من البيت.

فيا أيها النساء: لا تتركن بيوتكن تتحول إلى فنادق باردة، ووجوهكن إلى شاشات مطفأة، وحياتكن إلى "واجبات" بدون حب. واجعلن من أنوثتكن سلاحًا يحفظ الزواج، لا عامل هدم له.

وللرجال نقول: كما تطلبون الجمال، كونوا أنتم أيضًا رجالًا بالحب والاحترام والكرم. فالمرأة إذا أحبت، أبدعت، وإذا أهملت، انهارت. والزواج مسؤولية من الطرفين، لا جهة واحدة فقط.

إن أخطر ما يصيب الزواج هو "الاعتياد"، حين يصبح كل شيء متوقعًا، وحين تُغلق أبواب الغواية داخل البيت، وتُترك مفتوحة خارجه. وهنا تبدأ الحرب الصامتة.

فلنُعيد إذًا النظر في مفاهيمنا. ولنعتبر أن الجمال، والاهتمام، والرغبة، ليست أمورًا ثانوية بل شروطًا أساسية لحياة أسرية ناجحة، في زمن أصبح فيه كل شيء مفتوحًا، وكل العلاقات متاحة بنقرة واحدة.

علينا أن نُحصّن بيوتنا بالجمال، بالمودة، وبالاحترام المتبادل. فبيتٌ فيه امرأة تهتم بنفسها لزوجها، وتُشعره أنه الأهم، خير من علاقات وهمية تهدم أسرًا بأكملها.

في النهاية، من أحب زوجته وأحبته، وجدت فيه أميرًا، ومن تخلت عن دورها، جعلته يبحث عن "مملكة" أخرى، ولو كانت سرابًا.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك