المغرب يراهن على "السكن الإيجاري المتوسط"..هل يكون الحل لأزمة الكراء والسكن؟

المغرب يراهن على "السكن الإيجاري المتوسط"..هل يكون الحل لأزمة الكراء والسكن؟
ديكريبتاج / الجمعة 13 يونيو 2025 - 20:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي

في خطوة جديدة لمواجهة أزمة السكن وغلاء الإيجار، تستعد وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة لإطلاق برنامج وطني ضخم، يستهدف ما يُعرف بـ"السكن الإيجاري المتوسط"، في محاولة لخلق بديل عملي للطبقة المتوسطة التي تعاني من ضغوط الإسكان في المدن الكبرى.

خلفيات الأزمة: سكن غالي وطلب مرتفع

منذ سنوات، يعيش سوق الكراء في المغرب اختلالات صارخة بين العرض والطلب، خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، مراكش، أكادير وطنجة. الأسعار فاقت قدرات فئات واسعة من الطبقة المتوسطة، في وقت أصبح فيه شراء شقة حلماً بعيد المنال.

الطلب على الكراء ارتفع بشكل غير مسبوق، مدفوعاً بتغير أنماط العيش، والتحول إلى العمل والدراسة في المدن، ونمو فئة الأسر الصغيرة. لكن في المقابل، العرض القانوني والملائم بقي محدوداً، خاصة في غياب مشاريع سكنية مخصصة لهذا الغرض.

السكن الإيجاري: توجه استراتيجي جديد

البرنامج الجديد الذي تشتغل عليه وزارة الإسكان يراهن على تشجيع المنعشين العقاريين والمستثمرين على بناء وحدات سكنية مخصصة حصرياً للكراء، بشروط جودة وأسعار موجهة للطبقة المتوسطة. الوزارة تتحدث عن تقديم تحفيزات ضريبية ومالية مهمة للمستثمرين، مع تنظيم صارم للعقود والمعايير، لضمان العدالة والجاذبية في السوق.

ملامح أولية للمشروع

حسب مصادر من داخل الوزارة، البرنامج قد يشمل في بدايته المدن الكبرى، مع إمكانية توسيعه تدريجياً حسب نجاح التجربة. ومن بين أبرز ملامحه:

كراء طويل الأمد بأسعار تفضيلية.

شقق بمعايير مضبوطة تتراوح مساحتها بين 60 و90 متر مربع.

التزام من المنعشين العقاريين بتخصيص مشاريع كاملة للكراء.

تسهيلات ضريبية وتحفيزات استثمارية للمقاولات المنخرطة.

إشراف ومراقبة من الدولة لتفادي التجاوزات أو المضاربة.

تجارب دولية تلهم المغرب

النموذج المغربي الجديد يستلهم تجارب ناجحة في دول مثل فرنسا وكندا، حيث تلعب الدولة دور "المنظم والمحفز" لتوفير سكن موجه للكراء، من خلال شراكات مع القطاع الخاص.

في هذه التجارب، يشكل السكن الإيجاري أحد حلول أزمة العقار، وخاصة لفئة الشباب والأسر حديثة التكوين.

تحديات التنفيذ: التمويل والثقة

رغم أهمية المشروع، يبقى نجاحه رهيناً بجملة من التحديات، أبرزها:

ثقة المواطنين في النظام الجديد، خاصة في ظل تجارب سابقة لم تكتمل.

إقناع المستثمرين بالدخول في سوق الكراء بدل البيع.

التكلفة المالية لتوفير التحفيزات والإعفاءات الضريبية.

ضبط السوق ومنع المضاربات أو التلاعب بالشروط.

ماذا يقول الفاعلون في القطاع؟

المنعشون العقاريون ينظرون بحذر إلى المشروع. بعضهم يرى فيه فرصة جديدة لإعادة إحياء القطاع الذي عرف تباطؤاً منذ أزمة كوفيد، بينما يعتبر آخرون أن غياب تصور واضح ومرن قد يعقّد الانخراط فيه.

من جهتهم، يرى المواطنون أنه إذا تم تنفيذ المشروع بشكل جيد، قد يشكل حلاً فعلياً لواحدة من أعقد المشاكل اليومية: إيجاد سكن ملائم بثمن معقول.

هل نحن أمام "تحول جذري" في سياسة الإسكان؟

البرنامج يأتي في إطار تغيير أوسع في توجهات الدولة نحو السكن كخدمة اجتماعية وليس مجرد استثمار خاص. فبعد عقود من تشجيع التملك الفردي، بات من الواضح أن الكراء يجب أن يأخذ مكانه في المعادلة السكنية.

الكرة الآن في ملعب الحكومة والوزارة، فنجاح المشروع يتطلب تنسيقاً دقيقاً، وشراكات متعددة، وإطاراً قانونياً صارماً وشفافاً.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك