أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
أعاد إعلان كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري عن تقديم دعم مالي ضخم بقيمة 1.1 مليار سنتيم لأحد أعضاء حزبها السياسي الجدل حول الشفافية، والعدالة في توزيع المال العام، والتداخل غير المقبول بين العمل الحكومي والمصالح الحزبية. هذا القرار أثار موجة من الانتقادات السياسية والحقوقية، وفتح الباب أمام اتهامات باستغلال النفوذ والتمويل العمومي لأغراض انتخابية سابقة لأوانها.
النائب البرلماني مصطفى إبراهيمي، نائب رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، اعتبر في تصريح رسمي أن ما حدث يشكل صدمة للرأي العام الوطني، وللعاملين بقطاع الصيد البحري على وجه الخصوص. وذهب أبعد من ذلك، حين وصف الدعم بأنه "رسالة واضحة" بأن الاستفادة مشروطة بالانخراط في حزب معين، في إشارة مباشرة إلى حزب رئيس الحكومة، وهو ما اعتبره اختلالاً صارخاً في مبدأ تكافؤ الفرص، وانحرافاً عن المسار الدستوري الذي يفترض أن يسود في تدبير الشأن العام.
وطرح إبراهيمي تساؤلات حارقة حول المسطرة المعتمدة في منح هذا الدعم: من قرر؟ وبأي معايير؟ وهل تم احترام الإطار القانوني والتنظيمي أم أن الأمر تم وفق منطق الولاءات السياسية؟ كما طالب الوزيرة المعنية بنشر تفاصيل المسار الإداري والمالي الذي أدى إلى منح هذا الدعم، داعياً إلى كشف المستفيدين والمعايير التي اعتمدت في الانتقاء.
ولم يتوقف إبراهيمي عند حدود الملف المالي فقط، بل اتهم الحكومة، وتحديداً حزب "الحمامة"، بتبني سياسة الهروب إلى الأمام، عبر تجاهل جوهر الانتقادات واللجوء إلى خطابات التبرير والتضليل. واعتبر أن ما يحدث هو محاولة واضحة للتغطية على فضيحة تتعلق باستغلال سلطة حكومية لخدمة مصالح تنظيم حزبي، مذكّراً في الآن ذاته بأن القطاع البحري يعرف حالة من الفوضى والتسيب، رصدتها تقارير رسمية، على رأسها تقارير المجلس الأعلى للحسابات.
وفي تصعيد واضح، شدد القيادي في حزب المعارضة على أن القطاع لم يعد يخضع لحوكمة سليمة، بل أصبح وكأنه "ملحقة حزبية"، تستغل الموارد والإمكانيات العمومية لبسط النفوذ السياسي وضمان ولاءات انتخابية، ما يُعد خطراً داهماً على الديمقراطية وتكريساً للريع السياسي والمالي.
وفي الشق الاجتماعي، حمّل إبراهيمي الحكومة مسؤولية ما وصفه بـ "الحصيلة الكارثية" في ملف الحماية الاجتماعية، لا سيما بالنسبة للعاملين في قطاع الصيد البحري، الذين يعانون من هشاشة كبيرة في ظروف العمل والضمان الاجتماعي. وأشار إلى أن الحكومة فشلت في الوفاء بالتزاماتها تجاه الأجندة الملكية، والقانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، وهو ما يكشف، حسب قوله، زيف الشعارات المرفوعة من قبل الجهاز التنفيذي.
وتأتي هذه التصريحات النارية في سياق سياسي مشحون، حيث يقترب المغرب من موعد انتخابي مرتقب سنة 2026، وسط تزايد المؤشرات على توظيف مواقع السلطة وموارد الدولة لتحقيق مكاسب حزبية على حساب مصلحة المواطنين واستقرار المؤسسات.
الجدل مرشح للتصاعد أكثر في الأيام القادمة، مع تزايد الدعوات البرلمانية والحقوقية لفتح تحقيق شفاف وعاجل في هذه القضية، ومحاسبة المتورطين، إذا ثبت وجود تجاوزات أو استغلال للنفوذ. كما ينتظر الرأي العام توضيحات رسمية من الوزيرة المعنية، ومن رئيس الحكومة، حول ما إذا كان هذا الدعم فعلاً يندرج ضمن مخطط حكومي منظم، أم أنه انزلاق فردي يُخفي وراءه نوايا انتخابية واضحة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك