طرفاية.. حيث تنبض روح "الأمير الصغير" بين رمال الصحراء وأجنحة الطيران

طرفاية.. حيث تنبض روح "الأمير الصغير" بين رمال الصحراء وأجنحة الطيران
مجتمع / الأحد 31 أغسطس 2025 - 12:05 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا

على تخوم الصحراء المغربية، حيث يلتقي المحيط الأطلسي بالكثبان الرملية، ينهض متحف أنطوان دو سانت-إكزوبيري بطرفاية شاهدا على عبق التاريخ وميلاد الأدب الخالد، فضاء يحمل بصمات الطيار والكاتب الذي ألهم العالم بـ"الأمير الصغير" وحوّل العزلة إلى أسطورة إنسانية.

هذه البلدة الهادئة التي عُرفت قديما باسم "كاب جوبي" ليست مجرد منتجع ساحلي، بل ذاكرة مفتوحة على مغامرات البريد الجوي وروح الطيران الأولى، حيث تمازجت تجارب البشر مع خيال الأدب لتصوغ حكاية أعمق من حدود المكان.

في سنة 1927، حط سانت-إكزوبيري بطرفاية كمدير لمحطة البريد الجوي، ليعيش ثمانية عشر شهرا من الوحدة والتأمل وسط الصحراء، ويصوغ خلالها إرهاصات أعماله الكبرى مثل "بريد الجنوب" و"أرض البشر" و"الأمير الصغير"، مستلهما من رمالها وصمتها صورا خالدة في الأدب الإنساني.

ومنذ تأسيس المتحف سنة 2004، بتعاون مغربي فرنسي، أصبح هذا الفضاء ملتقى للذاكرة ووجهة للزوار من مختلف أنحاء العالم، بفضل ما يزخر به من صور، ووثائق، ورسائل نادرة، تروي رحلة الطيران في مهدها الأول وتجسد مكانة طرفاية في التاريخ الثقافي والإنساني.

مربـيه ربه شيبة، مدير المتحف ورئيس جمعية "أصدقاء طرفاية"، يرى أن إنتاج سانت-إكزوبيري الأدبي جعل من طرفاية محطة إشعاع عالمي، مشيرا إلى تزايد أعداد الزوار المغاربة والأجانب، بفضل الدينامية التي يمزج فيها المتحف بين الثقافة، التعليم، والذاكرة.

لا يتوقف دور المتحف عند حفظ التراث، بل يتجاوزه إلى تنشيط الندوات والمعارض والمسابقات، واستقبال الفعاليات الدولية وسباقات الطيران التاريخية، ليعيد الحياة إلى مدرجات شكلت يوما جسرا بين القارات، ويجعل من طرفاية نقطة التقاء الماضي بالمستقبل.

هنا، بين جدران المتحف ورمال الصحراء، يتعلم الزائر أن العزلة يمكن أن تولّد أعظم الإبداعات، وأن خلف كل رحلة جوية كان هناك إنسان يكتب قصته مع الخطر، تماما كما كتب سانت-إكزوبيري قصته مع الخلود الأدبي، لتظل طرفاية شاهدة على تزاوج الطيران بالشعر، والذاكرة بالأبدية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك