خطاب الإنتصار لـ: الملك محمد السادس

خطاب الإنتصار لـ: الملك محمد السادس
أنشطة ملكية / السبت 01 نوفمبر 2025 - 12:13 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

أنتلجنسيا المغرب: الرباط

وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

قال تعالى: «إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا» صدق الله العظيم.

شعبي العزيز،

بعد خمسين سنة من التضحيات، ها نحن نبدأ، بعون الله وتوفيقه، فتحًا جديدًا في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل، في إطار حل توافقي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي.

وإنه لمن دواعي الاعتزاز أن يتزامن هذا التحول التاريخي مع تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والذكرى السبعين لاستقلال المغرب.

وبهذه المناسبة، يسعدني أن أتقاسم معك اليوم مشاعر الارتياح لمضمون القرار الأخير لمجلس الأمن.

إننا نعيش مرحلة فاصلة ومنعطفًا حاسمًا في تاريخ المغرب الحديث، فهناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده.

لقد حان وقت المغرب الموحد، من طنجة إلى لكويرة، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه ولا على حدوده التاريخية.

شعبي العزيز،

لقد قلت في خطاب سابق إننا انتقلنا في قضية وحدتنا الترابية من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير.

فالدينامية التي أطلقناها في السنوات الأخيرة بدأت تعطي ثمارها على جميع الأصعدة.

ذلك أن ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أصبحت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي الإطار الوحيد لحل هذا النزاع.

كما أن الاعتراف بالسيادة الاقتصادية للمملكة على الأقاليم الجنوبية عرف تزايدًا كبيرًا بعد قرارات القوى الاقتصادية الكبرى، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بتشجيع الاستثمارات والمبادلات التجارية مع هذه الأقاليم.

وهو ما يؤهلها لتصبح قطبًا للتنمية والاستقرار ومحورًا اقتصاديًا بمحيطها الجهوي، بما في ذلك منطقة الساحل والصحراء.

واليوم ندخل، والحمد لله، مرحلة الحسم على المستوى الأممي، حيث حدد قرار مجلس الأمن المبادئ والمرتكزات الكفيلة بإيجاد حل سياسي نهائي لهذا النزاع، في إطار حقوق المغرب المشروعة.

وفي سياق هذا القرار الأممي، سيقوم المغرب بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي، وسيقدمها إلى الأمم المتحدة لتشكل الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق.

ولا يفوتنا هنا أن نتقدم بعبارات الشكر والتقدير لجميع الدول التي ساهمت في هذا التغيير، بمواقفها البناءة ومساعيها الدؤوبة في سبيل نصرة الحق والشرعية.

وأخص بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية، بقيادة صديقنا فخامة الرئيس دونالد ترامب، الذي مكنت جهوده من فتح الطريق نحو حل نهائي لهذا النزاع.

كما نشكر أصدقاءنا في بريطانيا وإسبانيا، وخاصة فرنسا، على جهودهم من أجل نجاح هذا المسار السلمي.

ونتوجه أيضًا بجزيل الشكر إلى كل الدول العربية والإفريقية الشقيقة، التي ما فتئت تعبر عن دعمها الدائم واللامشروط لمغربية الصحراء، وكذا مختلف الدول عبر العالم التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي.

ورغم التطورات الإيجابية التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية، يبقى المغرب حريصًا على إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف.

فالمغرب لا يعتبر هذه التحولات انتصارًا، ولا يستغلها لتأجيج الصراع أو الخلافات.

وفي هذا السياق، نوجه نداءً صادقًا إلى إخواننا في مخيمات تندوف لاغتنام هذه الفرصة التاريخية لجمع الشمل مع أهلهم، والاستفادة مما يتيحه الحكم الذاتي من فرص للمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية وتنمية وطنهم وبناء مستقبلهم في إطار المغرب الموحد.

وبصفتي ملك البلاد، الضامن لحقوق وحريات المواطنين، أؤكد أن جميع المغاربة سواسية، لا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف وبين إخوانهم داخل أرض الوطن.

ومن جهة أخرى، أدعو أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون إلى حوار أخوي صادق بين المغرب والجزائر من أجل تجاوز الخلافات وبناء علاقات جديدة تقوم على الثقة وروابط الأخوة وحسن الجوار.

كما نجدد التزامنا بمواصلة العمل من أجل إحياء الاتحاد المغاربي، على أساس الاحترام المتبادل والتعاون والتكامل بين دوله الخمس.

شعبي العزيز،

إن ما تعرفه أقاليمنا الجنوبية من تنمية شاملة وأمن واستقرار هو بفضل تضحيات جميع المغاربة.

ولا يسعنا هنا إلا أن نعبر عن اعتزازنا وتقديرنا لكل رعايانا الأوفياء، لاسيما سكان أقاليمنا الجنوبية الذين أكدوا على الدوام تشبثهم بمقدسات الأمة وبالوحدة الوطنية والترابية للبلاد.

كما نشيد بالجهود الدؤوبة التي تبذلها الدبلوماسية الرسمية والحزبية والبرلمانية ومختلف المؤسسات الوطنية من أجل الطي النهائي لملف وحدتنا الترابية.

ونغتنم ذكرى المسيرة الخضراء الخالدة لنستحضر، بكل إجلال وتقدير، التضحيات الجسيمة التي قدمتها القوات المسلحة الملكية والقوات الأمنية، بكل مكوناتها، وعائلاتهم بمختلف مناطق البلاد، طيلة الخمسين سنة الماضية، في سبيل الدفاع عن وحدة الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره.

كما نترحم على الأرواح الطاهرة لمبدعها، والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، وكل شهداء الوطن الأبرار.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته."

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك